أمراء مصر في مهرجان أبوظبي
ستة أسابيع قبل قيام ثورة يوليو 1952، قام أفراد من العائلة المالكة المصرية بإنتاج فيلم من إخراجهم وتمثيلهم عن انقلاب يطيح بهم، ليتحول الخيال إلى نبوءة تتحقق مع قيام الثورة التي أخرجتهم من الحكم ومن البلاد.
"البحث عن النفط والرمال" الذي ظل حبيس الظلام لمدة 60 عاما سوف
يعرض لأول مرة في العالم ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية خلال مهرجان أبو
ظبي السينمائي الدولي، الذي يقام في العاصمة الإماراتية من 11 إلى 20
أكتوبر الجاري.
في مايو 1952، قررت الأميرة فايزة، شقيقة الملك فاروق، وزوجها بولنت رؤوف إنتاج فيلم عن انقلاب يطيح بالعائلة المالكة.
إلا أنهم كانوا يجهلون أنهم سيواجهون المصير نفسه بعد 6 أسابيع فقط، وأن
"حياتهم ستتغير إلى الأبد بطريقة درامية"، كما يقول محمود ثابت الذي وجد
الفيلم في أغراض والده عادل ثابت بعد وفاته.
وتقوم الأميرة فايزة وأعضاء آخرون من العائلة المالكة، ودبلوماسيون
غربيون بالأدوار الرئيسية التي أخرجها وصورها بولنت رؤوف، مستعينا بما كانت
تعرف وقتها باسم "مجموعة الزهرية"، نسبة إلى قصر الزهرية المخصص له
ولزوجته، والذي كان مقصدا للفنانين والمثقفين الغربيين الوافدين إلى مصر في
ذلك الوقت.
وفي شريط ترويجي للفيلم يقول محمود ثابت إن "فكرة الفيلم مستوحاة من
أحداث كانت تدور وقتها عن شيخ محلي تقليدي يسانده البريطانيون، بينما كان
هناك قائد حديث يسانده الأميركيون"، في إشارة إلى أن الشيخ التقليدي يرمز
إلى الملك فاروق، وإلى الشعور المتنامي وقتها بقرب حدوث تغييرات جذرية في
مصر.
ويضيف ثابت: "بولنت كان يعرف جيدا الشخصيات الغربية الموجودة على
الساحة. لذا استلهم شخصيات الجاسوس من المستشار الصحفي لسفارة بريطانيا
جيمس موري، والعميل الأميركي روبرت إم سيمبسون السكرتير الخاص للسفارة
الأميركة بالقاهرة آنذاك".
محمود ثابت كان جده، الذي يحمل نفس الاسم، كبير ياوران الملك فؤاد
الأول، وكان والده الذي يظهر في الفيلم قريب من الدرجة الثانية للملك فاروق
وصديقا مقربا للعائلة المالكة، وعايش كثيرا من الأحداث والمناسبات معهم.
"الخيال يلتقي بالواقع في الفيلم، فهو لم يتنبأ فقط بمصير العائلة
المالكة بل سجل آخر أيام الملكية في مصر"، حسب ثابت، الذي يضيف أنه "يعرض
لأول مرة منذ صنعه قبل 60 عاما، ويحتوي على صور نادرة لهذه الحقبة من تاريخ
مصر".
وقامت شركة ميدل ويست للإنتاج، والمخرج المصري اللبناني فيليب ديب،
بإعادة إنتاج الفيلم بحيث يمزج بين اللقطات الأصلية المصورة على أشرطة
مقاسها 16 ملليمتر، وأخرى حديثة يظهر فيها شخصيات تتعرض للأحداث.
وتعلق على أحداث "البحث عن النفط والرمال"، الأميرة نفين حليم وهي الوحيدة الباقية على قيد الحياة من طاقم الفيلم.
وتظهر وقد شاخت لتقول "لم نكن نعرف وقتها إذا كان الدبلوماسيان الغربيان يتجسسان علينا أم لا".
ويقول وائل عمر، مؤسس ميدل ويست، أن شركته تأسست عام 2008، وتخصصت في
صنع أفلام وثائقية مصرية وعربية بهدف إعادة اكتشاف التاريخ عبر الصور
واللقطات النادرة.
وفي تصريحات صحفية يقول عمر: "إن مهمتنا ليست سهلة، ونحن نريد أن نقدم
أفلاما وثائقية تاريخية على أن تكون في نفس الوقت مسلية وممتعة للجمهور حتى
نجذبه إلى التاريخ".
الأميرة فايزة، ولدت عام ،1923 وكانت جميلة وأنيقة مثل نجمات هوليوود في
ذلك الزمان. وكانت تتمتع بشخصية قوية، فقد رفضت أن تتزوج من ملك أو أمير
من العالم العربي أو الاسلامي مثل أختها فوزية التي تزوجت شاه إيران لسنوات
عدة.
وصممت الأميرة فايزة على الزواج من رؤوف، ولأنه حفيد الخديوي إسماعيل، لم يرفض الملك فاروق مطلبها وتم زفافهم عام 1945.
عاشت بعد الثورة بعض الوقت في باريس، لكنها ضاقت بالضغوط الاجتماعية
التي كان يفرضها وجود الكثيرين من الحاشية الملكية في العاصمة الفرنسية.
وكانت الخلافات الزوجية قد تزايدت بينها وبين رؤوف، فتم الطلاق وهاجرت إلى
الولايات المتحدة الأميركية.
والأميرة التي كانت تشبه في ملامحها وحياتها نجمات الشاشة الفضية توفيت في هوليوود عام 1994.
أما زوجها فقد ولد في إسطنبول عام 1911، وتوفي في إنجلترا عام 1987.
وقام بترجمة العديد من الكتب، خاصة في مجال الصوفية، حيث كان رئيس جمعية
محي الدين بن عربي المتصوف الأندلسي الشهير.
Comments
Post a Comment