بعد 11 عاما من طائرات بن لادن.. "الحرية" يرث مليارات برجي التجارة والمتحف إلى أجل غير مسمى
لم تُخل "طائرات بن لادن" التي اصطدمت بأبراج التجارة في 11 سبتمبر
بالسياسية الدولية وحدها، ولكنها إعادة ترتيب أوراق مخططي مدينة نيويورك،
بعد أن أصبحت تحمل أحد الأحداث التي ترسم تاريخ الولايات المتحدة
الأمريكية.
ولم تترك الولايات المتحدة الحدث دون تأريخ، بعد أن أصبح علامة
فارقة في تاريخ العالم، واختارت مقر الأبراج لبناء متحف ونصب تذكاري، وكان
لابد لأصحاب المليارات العالمية من مكان بديل عن الأبراج ضحية الهجمات،
ولذلك كان برج "الحرية".
حائط طوله 11 مترا هو كل ما تبقى من برجي التجارة العالمي، اللذين
تم تدميرهما ضمن الأحداث الإرهابية في الولايات المتحدة الأمريكية في 11
سبتمبر عام 2001، ويشغل هذا "الحائط الطيني" أكبر غرف المتحف، والذي يقع
تماما في المكان الذي سقط فيه البرجان.
تم تأجيل افتتاح المتحف الذي بدأ بناؤه بالفعل، هذا العام أيضا،
بسبب مشاكل بين عمدة مدينة نيويورك ومحافظ الولاية، لأن الدولة لم تقرر بعد
إذا كانت المدينة أم الولاية هي التي ستدفع مليار دولار أمريكي لتغطية
التكاليف، لذلك يعتبر الانتهاء من بناء المتحف علامة استفهام سيجيب عليها
المستقبل.
بدأ بناء المتحف بتشييد الموقع الإلكتروني لذكرى 11/9، والذي يتيح
حجز التذاكر المجانية باليوم والساعة التي يريدها الزائر، إضافة إلى أنه
أتاح المشاركة لكل الناس في بناء هذا المتحف، سواء أكان بالتقدم بأفكار
معمارية تجعل المبنى أجمل، أم صور وفيديوهات وتسجيلات في يوم الحادث، وأي
أحذية أو ملابس تضررت، حتى يجمع المتحف أرشيف كامل عن هذا اليوم، من شهود
العيان والناجين وأقارب الضحايا.
متحف ذكرى 11/9، كما يطلقون عليه، المحاط بالنصب التذكاري الذي تم
افتتاحه العام السابق في وقت الحادث نفسه، ما زال تحت الإنشاء على أرض
مساحتها حوالي 10 آلاف متر مربع تقريبا، يتكون من ثلاثة معارض، وهم المعرض
التاريخي، المعرض التذكاري والغرفة الغربية، يرى الزائر من خلالها ما حدث
تفصيليا في أحد أصعب الأيام التي مرت بها الولايات المتحدة الأمريكية، عن
طريق الوسائل الإعلامية المختلفة.
"المعرض التاريخي"، هو الذي يتناول كل ما حدث قبل وبعد ووقت الحادث
من خلال ثلاثة أقسام، الأول يحكي يوم الحادث بالتفصيل عن طريق الصور
والفيديوهات التي تعرض وقت الحادث لحظة بلحظة، أما ما قبل الحادث فهو من
اختصاص الجزء الثاني من المعرض، ويتضمن أيضا تاريخ الأبراج بداية من
تفجيرات 26 فبراير 1993، التي راح ضحيتها 6 أشخاص تجد أسماءهم في النصب
التذكاري المقام حاليا، وفي القسم الثالث تجد صور وفيديوهات لما بعد الحادث
من عمليات إنقاذ وإزالة الركام، وآثار العاصفة الترابية التي سببها سقوط
الأبراج.
وفي "المعرض التذكاري"، وهو ما يراه الزوار في المرحلة الثانية من
الجولة، تجد صورة لكل شخص راح ضحية انهيار البرجين، وتفجير مبنى البنتاجون،
وأيضا تفجيرات 26 فبراير، وتحت كل الصورة تجد اسم صاحبها، ولمساعدة أقارب
كل ضحية، تم ترتيب الصور حسب الوظيفة، والمكان الذي يعمل به هذا الشخص، إذا
كان يعمل بإحدى الطائرات أو بالأبراج، وتم وضع زائري البرج وقت الحادث في
قسم مختلف.
وتنتهي الجولة بـ"الغرفة الغربية" أكبر غرف المتحف، التي تحتوي على
حائط يصل ارتفاعه إلى 11 مترا، وهو أكبر قطعة خرجت سالمة من البرج الشمالي،
الذي يتكون من 110 طوابق، تم نقلها داخل المتحف، ووضع عليها كل البوسترات
واللافتات الصغيرة والكلمات التي استخدمها رجال الإطفاء والحدادين أثناء
إزالة الركام.
يستعد برج "الحرية" لاستقبال مليارات العالم، والتي تعد الولايات
المتحدة محورها، ومركز أدائها الاقتصادي، البرج الذي أطلق عليه "مركز
التجارة العالمي 1" والذي يعد بعد بنائه أطول ناطحة سحاب في العالم.
ويقع في مدينة نيويورك في نفس موقع برجي التجارة العالمي المنهارين
في هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية بالمنطقة المعروفة "بجراوند زيرو" في
الحي الواقع في المنطقة الجنوبية من جزيرة منهاتن.
ويرتفع المبنى، عند انتهاء تشييده في العام الحالي حسب ما نشرة
الصحف إلى علو يبلغ 1776 قدما، اختير ذلك الرقم عمدًا؛ إذ إنه يرمز إلى
العام الذي أعلنت فيه ثلاث عشرة مستعمرة صغيرة على محاذاة ساحل المحيط
الأطلسي في قارة أمريكا الشمالية، ومن الحق أن تكون ولايات حرة مستقلة، وهي
التي شكلت الولايات المتحدة الأمريكية.
برج "الحرية" صمم بشكل رفيع، بقاعدة أكبر مساحة من مساحة قمته التي
تنتهي بقمة مستدقة صُممت بحيث تعيد إلى الذهن تمثال الحرية القريب منه،
يزيد علو البرج عن علو المبنى الذي يُعتبر الآن أعلى ناطحة سحاب في العالم،
مبنى تايبيه 101 في تايوان. ذلك أن ارتفاع مبنى تايبيه يبلغ 1667 قدما.
ووقد صمم مبنى برج الحرية وفيه ملامح التجربة التي مر بها برجي
التجارة العالمي، بحيث إنه أكثر مبنى في العالم أمانًا أيضا. ذلك أن المبنى
سيشتمل على أحدث ما تم التوصل إليه من أنظمة الأمان، كالمرشحات التي تنقي
الهواء من العوامل البيولوجية والكيميائية، والمصاعد والسلالم التي يغلفها
الأسمنت، ويفوق عرضها العرض المعتاد، ومنافذ خروج إضافية في أحوال الطوارئ.
يستخدم الطوابق الاثنان والسبعون الأولى فقط من طوابق المبنى
للمكاتب ودكاكين البيع بالمفرق، وتوضع فوقها توربينات الريح، وهوائيات
البث، والقمة المستدقة.
وترمز القمة التي تناطح السماء، ويمكن مشاهدتها من على بعد أميال كثيرة، إلى الحرية والذكرى والشرف وتجدد الروح الإنسانية.
بدأت عملية بناء برج الحرية عام 2004، وصرح دانيل ليبِسكِند، الذي
وضع خطة إعادة البناء، للصحفيين خلال حفل وضع حجر الأساس بأن برج الحرية هو
تحية إكبار لقدرة الروح البشرية على التحمل، وأن برج الحرية سوف "يلهم
نيويورك، وأمريكا، والعالم أجمع، من خلال مثل الحرية والديمقراطية".
Comments
Post a Comment