سمير صبري يكتب : اسمي أميتاب ولست إرهابيا!

 


" .. منذ أن قدمت أميتاب بتشان علي المسرح في حفل إفتتاح مهرجان القاهرة السينمائي نشأت صداقة قوية بيني وبينه وزوجته وأولاده وكنت معهم في جميع جولاتهم السياحية التي نظمها لهم المهرجان بالتنسيق مع وزارة السياحة وفي طائرة العودة من الاقصر إلي القاهرة فوجئت بأميتاب يسألني.
»هناك شئ هام جدا أريد أن أراه قبل مغادرة القاهرة أريد أن أضع باقة ورد علي قبر زعيمكم الراحل جمال عبدالناصر الذي شارك في إنشاء دول عدم الانحياز مع زعيمنا الكبير نهرو.. أن هؤلاء العظماء صنعوا تاريخ لآسيا وأفريقيا لاينسي.. كما أنني معجب جدا بزعيمكم الراحل أنور السادات الذي تعامل بذكاء السياسي المحنك مع الاستعمار الغربي تماما مثل زعيمنا الراحل المهاتما غاندي«.
وفي القاهرة حققت لأسطورة السينما الهندية طلبه وزرنا قبر الزعيمين الكبيرين في سرية تامة وبدون أي ضجيج إعلامي بناء علي طلبه.. ثم سافر النجم الكبير بعد انتهاء المهرجان هو وعائلته ولكن لم تنقطع بيننا الاتصالات.
وفي صيف عام ١٠٠٢ اقترحت علي الصديق العزيز مصطفي محرم رئيس مهرجان الاسكندرية السينمائي أن يكرم اميتاب بتشان الذي سيحقق بوجوده ضجة إعلامية كبيرة تفيد المهرجان. وفعلا وبناء علي اقتراحي تم دعوة النجم الكبير الذي رحب جدا بزيارة الاسكندرية خاصة انه سيكون في طريقه لنيويورك لتصوير فيلم جديد إنتاج هندي أمريكي مشترك ولذلك سوف يحضر وحده بدون أسرته وكنت في استقباله في المطار مع السفير الهندي لمصر الذي نظم له مؤتمرا صحفيا كبيرا في فندق مينا هاوس وكان أميتاب سعيدا جدا انه ينزل في نفس جناح الزعيم البريطاني »تشرشل« الذي زار القاهرة ونزل في نفس الجناح اثناء المعارك الشرسة التي دارت في صحراء العلمين اثناء الحرب العالمية الثانية واقتراب القوات الالمانية من الاسكندرية.
وتوجهنا من القاهرة رأسا إلي مكتبة الاسكندرية حيث أقيم حفل افتتاح المهرجان وتم تكريم النجم الكبير وسط حشد هائل من المعجبين وكالعادة سرق الاضواء من باقي نجوم المهرجان ثم توجهنا إلي حفل عشاء يقيمه المهرجان في قصر المنتزة.
يابختكم ببلادكم كل خطوة تطبق بتاريخ حافل ومثير ثم مال علي هامسا أرجوك أنقذني من هذه السيدة التي تلاحقني ومصرة علي دعوتي بعد انتهاء العشاء الي منزلها.
قلت له :
أميتاب انت تقصد الست دي؟
قال: نعم الحمد الله انها لاتعلم أننا سنسافر فورا إلي القاهرة لالحق بطائرة الفجر إلي نيويورك قولي ياسمير مين الست دي.. هي فنانة؟
قلت له :  لالالالا علاقة لها بالفن ثم أنت زعلان ليه انها تلاحقك اكيد أنت واخد علي مطاردة المعجبات.
قال: أنا لا أحب الست اللي بترمي روحها عليا أنا أحب أتعب وأعاني حتي احصل علي مجرد إبتسامة من المرأة التي تثير إعجابي!
وهربنا من الحفل بأعجوبة من النجمة السينمائية الشهيرة وفي السيارة التي أقلتنا إلي القاهرة قلت له: ليه رايح تمثل في أمريكا انت مش ناقص نجومية بلاش تعمل أفلام هناك يا أميتاب خليك في بلدك يعني صوفيا لورين مثلا مش كانت أجمل في الافلام الطلياني اللي عملتها في بلدها؟
قال: وهو عمر الشريف مش عمل دكتور زيفاجو في أمريكا وده من أحلي افلامه شوف ياصديقي أمريكا فيها جالية أسيوية كبيرة وموضوع الفيلم عاجبني رغم أنني المرة دي حمثل فيلم واحد بس في الشهر ده!
قلت: مش فاهم يعني ايه؟
قال: في بوليوود عادة أمثل فيلمين في وقت واحد في شهر واحد فالسينما الهندية ياصاحبي جمهورها كبير جدا داخل الهند والفيلم يغطي تكاليفه مهما بلغت من الهند نفسها والطلب علي الافلام كبير ولذلك المنتج بيحجز استديو كبير يقسم إلي ٢ بلاتوه عادة أنا بسجل أغاني الفيلمين مسبقا.. ثم أقسم أيام التصوير إلي ٦ ساعات لكل فيلم ٦ في البلاتوه ده و ٦ في البلاتوه اللي قصاده وأثناء انشغالي انا في أحدهم يكون الفيلم التاني بيصور الاغاني والرقصات بدوبلير يشبهني تماما.
قلت: يعني علي كده لازم تعمل ٦ أفلام في السنة علي الاقل؟
قال: علي الاقل لاتنسي ياصديقي أننا كلنا في سباق مع الزمن.. كل زمن وله ناسه ونجومه.. الجمهور ذوقه بيتغير يوم بعد يوم ونجم اليوم ممكن يكون "الذي كان" بكره!! الفنان زي لاعب كرة القدم عمره قصير مهما حاربت للبقاء علي الساحة.. أكبر عدو للفنان وللرياضي صدقني هو الزمن!!
قلت: بس أنت عامل شخصية الرجل السوبر مان الاسطوري في افلامك بتقلد الأمريكان.
ووصلنا مطار القاهرة وفي قاعة كبار الزوار ونحن نتناول القهوة سألته: هتقعد كتير في نيويورك؟
"٣ أسابيع للتصوير انا باكره أمريكا جدا وأحب أوروبا جدا عارف ليه لأن أوروبا زي مصر فيه تاريخ فيه شعب إنما أمريكا.. كوكتيل ملوش طعم".
وودعته علي ان نلتقي في باريس في طريق عودته من أمريكا وأقلعت طائرته إلي نيويورك فجر ١١ سبتمبر ١٠٠٢ وعند عودتي إلي المنزل علمت بإنفجارات وإنهيار البرجين في نيويورك فقد كانت علي كل محطات العالم وإنتظرت للمساء وطلبت أميتاب علي تليفونه.
أنا في باريس أبواب السما كانت مفتوحة لماأنت تمنيت أن معملش فيلم في أمريكا.
قلت: علشان ربنا بيحبك لو كنت وصلت أمريكا قبليها بيوم كانوا قالوا عليك اميتاب الارهابي الذي يقود الانفجارات.. مش أنت من دول العالم الثالث؟
قال: هما دول العالم الخامس والسادس إحنا هنفضل طول عمرنا دول العالم الأول بتاريخنا وحضارتنا عارف ياسمير نفسي اقول الكلام ده وأنا واقف فوق مبني الأمم المتحدة.. نفسي أقولهم أنا إسمي أميتاب أنا من الهند ولست إرهابيا!
ملحوظة: وبعدها بسنوات قدمت السينما الهندية فيلما رائعا " أسمي خان ولست ارهابيا" !!..."

Comments