رحلات البشر إلى النجوم... أحدث مشاريع واشنطن الطموحة

تطمح وكالة البحوث الأميركية الدفاعية المتقدمة إلى دفع مشروع جديد سيتيح إمكانية إرسال البشر إلى نجم آخر، لكن هذا الأمر الذي يبدو كالحلم قد يحتاج إلى قرنين كي يرى النور.


 
في خطوة طموحة جديدة تسعى لتنفيذها من أجل الانطلاق نحو آفاق أكثر رحابة، تدرس الآن وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتقدمة ( DARPA ) التابعة لوزارة الدفاع الأميركية إمكانية إرسال البشر إلى نجم آخر! وهو التحدي الذي قد يحتاج من الوكالة الحكومية الأميركية لدراسة قد تصل مدتها إلى 100 عام نظراً لضخامة المشروع.
وذكرت اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية أن الوكالة، التي سبق لها أن ساعدت في اختراع الإنترنت، تخطط لمنح مبلغ يقدر بحوالي 500 ألف دولار لإحدى المنظمات، كدفعة أولى، من أجل البدء في دراسة المسألة تنظيمياً وفنياً واجتماعياً وأخلاقياً.
وسيُمنَح هذا المبلغ في الحادي عشر من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر القادم باعتباره تتويج لجهد تم بذله على مدار عام بين داربا ووكالة ناسا، أطلق عليه دراسة المركبة الفضائية الممتدة على مدار 100 عام، وهو الجهد الذي بدأ بهدوء الشتاء الماضي وسينطوي على ندوة عامة مدتها ثلاثة أيام في أورلاندو بولاية فلوريدا في الثلاثين من شهر أيلول/ سبتمبر المقبل بخصوص أسباب وحيثيات السفر بين النجوم.
ولا يقتصر جدول أعمال الدراسة محل النظر على تكنولوجيا الصواريخ، بل يمتد ليشمل أمور من بينها الاعتبارات القانونية والاجتماعية والاقتصادية للهجرة بين النجوم، والمخاوف الدينية والفلسفية، وربما الأكثر أهمية ذلك الأمر المرتبط بكيفية إلهام الناس لدعم هذه الرؤية المكلفة للغاية. هذا وقد تسببت خطة "داربا" في إثارة مجموعة من ردود الفعل المتباينة، على مختلف الأصعدة والمستويات، في وقت لا يزال يساور فيه حلم السفر إلى الفضاء كثيرون، وفي وقت يعكف فيه علماء ومهندسون، نتيجة ولعهم بأحلام ونبوءات الخيال العلمي، على تصميم مركبة فضاء يمكنها عبور الفضاء بين النجوم، وكذلك تطوير تقنية يمكن الاستعانة بها يوماً ما.
وفي هذا الإطار، قال أندرياس تزيولاس، الذي يُدَرِّس في جامعة ألاسكا ويدير مشروع ايكاروس: "إن كنت ترغب في أن يكون لديك هواية، فلما لا تكون تلك الهواية هي تصميم مركبة فضاء تتحرك بين النجوم؟". ونوهت الصحيفة في هذا السياق بتلك التساؤلات التي لا تزال تشغل بال كثير من العلماء بخصوص ما إن كانت هناك حياة، ولاسيما حياة ذكية، خارج كوكب الأرض. ويرى الحالمون بالعيش على نجوم أخرى أنهم سيتمكنون يوماً ما من إيجاد حياة لهم بعيداً عن كوكب الأرض.
ويقول أناس من أمثال دكتور تزيولاس إن التكنولوجيا موجودة بالفعل أو ستتواجد عما قريب، لإرسال أدوات أو حتى أشخاص إلى نجوم قريبة، رغم أن تكلفة رحلة بشرية إلى هناك قد تقدر بمئات التريليونات من الدولارات. وأوضحت النيويورك تايمز من جانبها أن مبلغ النصف مليون دولار الذي خصصته داربا في هذا الشأن غير كاف لبناء مركبة فضائية أو حتى شراء مكتب متواضع لوضع التصور الخاص بتلك المركبة فيه – لكنها عاودت لتقول إن ذلك المبلغ كاف لبدء حملة حقيقية لجمع الأموال، وربما لإثارة روح السخرية لدى الأشخاص الذين ينتقدون خطط الإنفاق الحكومية.
وتوقعت الصحيفة ألا يتم الإطلاق الفعلي لرحلات البشر إلى النجوم إلا قبل قرنين على الأقل من الآن، وألمحت إلى أن الأمر قد يستغرق قرون إضافية من أجل وضع اللمسات النهائية عليه. وأكدت أن من سيكون على متن مثل هذه الرحلات لن يعود إلى الأرض ثانيةً. بيد أن العلماء أوضحوا أن هناك الكثير من الأسباب التي ستجعل البشر يستدعون في نهاية المطاف الإرادة السياسية بغية القيام بتلك الرحلات الفضائية.
ولفتت الصحيفة في السيا  نفسه إلى أن العلماء يواصلون جهودهم في هذا الاتجاه كذلك على أمل اكتشاف كوكب صالح للسكن في مكان آخر، وهو ما قد يتحقق خلال السنوات القليلة المقبلة، من خلال الدور الذي يقوم به التلسكوب "كبلر" وكذلك الجهود الفلكية الأخرى ذات الصلة، وفقاً لما أوضحته جيل تارتر، عالمة الفلك في  معهد SETI بماونتن فيو في كاليفورنيا، والتي كرست حياتها للبحث عن كائنات فضائية.
هذا ويبذل دافيد نيلاند، مدير قسم التكنولوجيا التكتيكية بوكالة داربا، مجهوداً كبيراً لكي يوضح أن مشروعه لا يهدف إلى تطوير مركبة فضاء تدور بين النجوم، بل أنه عبارة عن خطة عمل ترمي إلى وضع التصميم الخاص بواحدة من مركبات الفضاء هذه.
وأكد أن البحث لا يزال جارياً عن منظمة، يُفترض أن تكون خاصة، وبمقدورها وضع رؤية للحياة بين النجوم من دون مساعدة الحكومة، ومن ثم تحمل عبء العمل في هذا المجال على مدار الـ 100 عام المقبلة، وتطوير فروع تكنولوجية قيِّمة بنفس الطريقة التي مَكَّن من خلالها الاستثمار في بروتوكولات الحاسوب شبكة الإنترنت.

Comments